إننا المصريون شعب يهوى التعصب والانتماء ويدافع كلٍ عن قناعاته... فلا تصادف
تعارف بين البعض ويخلو من السؤال (أنت أهلاوى ولا زملكاوى ولا إسمعلاوى)... وأحيانا
أخرى (أنت موبينيلى ولا فودافونى ولا اتصالاتى)..... ويبدأ كل طرف فى تناول وجهة
نظره وسبب انتمائه معظما فى المزايا ومتناسيا لجوهر السلبيات... حتى أصبح أشبه
بالفولكلور فى الشارع المصرى وكان كل طرف يدافع عن انتمائه.
ولم يكن غريبا
أن تطول هذه الابتداعات فى فن الدفاع عن الانتماءات أركان السياسة، فبعد أن امتلأت
الصحف ووسائل الإعلام كافة (المرئية منها والمسموعة بالإضافة إلى المقروءة) بأبرز
المشرحين لخوض انتخابات الرئاسة وإعلان نية البعض فى الترشح وإعلانها على الملأ،
وبعد أن ظهر د/البرادعى بشكل أكثر بزوغا على شاشات الترشح وتحولت النية فى الترشح
إلى خطوات فعلية بدأت مع إعلان نواياه بخوض الانتخابات بعيدا عن الانضمام لأى حزب
وتكوينه -للجبهة الوطنية للتغيير- ........أخذ الشارع المصرى يتساءل إن لم يكن هناك
المرشح الأمثل فمن هو الأنسب لقضايا الشعب والأقدر على التغيير أو حتى التحسين ...
وانقسم الشارع المصرى بالتبعية لانقسام وسائل الإعلام المستقلة والقومية.. وأصبح
التساؤل الأكثر شعبية فى الشهور القليلة الماضية (أنت وطنى ولا برادعى)، فالبعض يرى
أن الحزب الوطنى هو الأقدر والأنسب فى ظل الأسماء المعلنة الآن (سواء كان بالرئيس
مبارك أو نجله الشاب جمال مبارك) والبعض الآخر يرى الحاجة إلى التغيير هى عنوان
تعصبه وانتمائه لأى اسم بعيدا عن الحزب الوطنى.... والكل يدافع عن قناعاته بناء على
استيعابه لوسائل الإعلام وقدرة الإعلامى فى التأثير على المتلقى فهذا يشجب وهذا
يدافع....... ويأتى دور المواطن فى كيفية التعاطف مع هذا أو ذاك.... فآراء الشارع
المصرى المؤيدة لسياسات الحزب تبرر موقفها بأن الوطنى هو الأقدر على تفهم حالة
الشعب متأملين فى مزيد من التنمية والتطوير، ويرون أيضا أنهم يخشون المجازفة بقيادة
ترجعهم ألف خطوه للوراء معللين ذلك بأن البرادعى كان رجل الدولة لأكثر من 20 عاما
وتعايشه مع النظام لهذه الفترة يؤكد قناعته به، فكيف له الآن أن يشجب الدستور ويعنف
متخذى القرار وينقد فى سياسات النظام.. ويتساءلون كيف لشخص بعيد لفترة طويلة عن
الشعب والشارع المصرى، له أن يحكم ويشعر بالقضايا والمشاكل التى يعانى منها
الشعب... بالإضافة إلى أنه ما زال حتى الآن مبهم سياسيا... ومستنكرين بعض أعماله
أثناء إدارته للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويعلل المؤيدون لترشح البرادعى
بأنهم فى حاجة للتغيير بمعنى أن البرادعى أصبح رمزا للتغيير.. معللين أن توليه كرسى
الرئاسة سيعقبه تغييرا فى حياة المواطن المصرى فى شتى المجالات... متعلقين بشعاراته
الرنانة وهتافاته بالقدرة على التغيير.... ويعلل آخرون منهم بأن مناصرتهم للبرادعى
جاءت لأنهم فقط لا يريدون الوطنى واجتماعهم فى كراهية الحزب والنظام جاء فى صالح
كفة البرادعى لأنه الأوفر حظا من بين المعارضين حتى الآن..
ولعلى أختتم
سطورى هذه بمجموعة من التساؤلات باتت الأكثر عبثا فى مخيلتى الآن..... هل نحن بحاجة
لتوعية الشعب سياسيا وتعريفه بحقوقه كما يجب. أم فقط يستمر دور الإعلام فى توجيه
المتلقى إلى حيث نشاء وإقناعه بالدلائل والبراهين...........؟ هل وصلنا لمرحلة من
التخبط السياسى نجد فيها أن الاجتماع فى كراهية مؤسسة أو حزب يبنى أقوى الجماعات
لتجلب بسياسة جديدة قد تصبح يوما سلسلة من الآلام والعذاب.....؟ هل افتقدت الأحزاب
السياسية بشتى مسمياتها فى مصر إلى خلق كوادر قيادية للدفع بها فى ساحة الترشح
لمنصب الرئاسة، وأصبح دور الأحزاب فى مصر دور أصم فى كافة المجالات والوجود من أجل
الاعتراض ليس إلا؟
فهل من مجيب؟منقول