بسم الله الرحمن الرحيم
الدموع .. سلاح من أسلحة حواء العديدة.. تكسب من خلالها معاركها مع الرجل الذي غالباً ما يذعن ويمتثل عندما تشهر المرأة هذا السلاح في وجهه.. ولكن ما هي الدموع؟ ومن أين تأتي؟ وكيف تتكون؟ وكيف تتساقط مطرا لدى البعض؟ وتجف جفاف الصحراء لدى البعض الآخر؟
الدموع من أهم الوظائف الفسيولوجية للعين.. وقد وضعها العلماء والباحثون موضوع دراستهم وبحثهم.. واستطاعوا بالتالي تصنيفها إلى ثلاث طبقات الأمر الذي سهل عليهم معرفة الأمراض التي تصيب بعض أجزاء العين وطرق معالجتها..
وعليه قسموا الجهاز الدمعي إلى قسمين:
الأول هو جهاز الإفراز الدمعي.. ويتألف من الغدة الدمعية الرئيسية والغدد الدمعية المساعدة.. والأولى تتواجد في محجر العين عند الزاوية الخارجية العليا للعين وتحت المنطقة العظمية الأمامية العليا، ويتصل بهذه الغدة الرئيسية 12 قناة.. تنقل الدموع من الغدة لتصب في العين مباشرة.
أما الغدد الدمعية المساعدة وعددها 48 غدة 40 منها في الجزء العلوي من العين و 8 تسكن في الجزء السفلي، وتكون مزروعة في جذور الرموش وفي أطراف الجفون والقبوة العلوية والسفلية للملتحمة.. (والقبوة: هي أسفل الجفن العلوي أو السفلي من الداخل). والفرق بين الغدة الرئيسية والغدد المساعدة كبير وأساسي على الرغم من أنها جميعاً تفرز الدموع.. فالغدة الرئيسية تفرز الدموع الناتجة عن الانفعالات العاطفية والمؤثرات الخارجية "الأجسام الغريبة". وهي تتلقى أوامرها الطارئة من الدماغ مباشرة.. بمعنى أنه لا تعمل إلا بحدوث أمر ما يترجمه الدماغ إلى أمر بذرف الدموع.. أما الغدد الطبيعة المساعدة فإنها تعمل بشكل تلقائي ورتيب ومهمتها تغذية العين بالرطوبة اللازمة.. على مدار الساعة وبشكل مستمر.
والبكاء حالة يتميز بها البشر دون سائر المخلوقات وهو لا يرتبط بالأتراح فقط وانما بالأفراح أيضا، ولكن ما هي حقيقة تأثير البكاء على الصحة ؟ وهل هو ضار أم نافع؟
تشير الدراسات الأخيرة أن البكاء يزيد الأمر سوءاً لأنه يسبب الصداع، وقال الدكتور ريتشارد ايفان في المجلة الطبية هيدايك (أي وجع الرأس)، أن الدموع التي تنهمر من العين تقود إلى الإصابة بالشقيقة (الصداع النصفي) ذلك لأن الدماغ يتفاعل مع الخلل في توازنات الجسم، ويعتقد إيفان أنه من المحتمل أن يكون هناك علاقة بين آلام الشقيقة والشعور بالحزن. ومن جهته يعتقد الدكتور بيل فري من مركز أبحاث الدمع وجفاف العين في ولاية ميناسوتا الأمريكية أن البكاء مفيد. فقد تبين أن 85% من النساء و 73% من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء. ويقول فري "على ما يبدو فإن البكاء يخفف من حدة الضغط النفسي وهذا مفيد للصحة سيما أننا نطلق على العديد من الأمراض تسمية "الاضطرابات النفسية".
ويرى فري أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي، ولدى دراسة التركيب الكيمائي للدمع العاطفي والدمع التحسسي (الذي تثيره الغبار مثلاً) أن الدمع العاطفي يحتوي على كمية كبيرة من هرموني "البرولاكين" و "آي سي تي أتشن" اللذين يتواجدان في الدم في حال التعرض للضغط، وعليه فإن البكاء يخلص الجسم من تلك المواد.
وأوضح هذا الاكتشاف سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، فالبرولاكين يتواجد لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمية لدى الرجال لأنه الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب.
ويقول الدكتور فري أن الحزن المسؤول عن أكثر من نصف كمية الدمع التي يذرفها البشر في حين أن الفرح مسؤول عن 20% من الدمع ,أما الغضب فيأتي في المرتبة الثالثة.
أنواع الدمع
ومن أبرز أنواع الدموع التي تسيل من العين:
الدموع المطرية، وهي تحافظ على رطوبة العين وصحتها، فهي تساعد العين على التحرك بسهولة في التجويف، ككمنا أنها تحتوي على أملاح وأنزيمات تقتل الكائنات الدقيقة.
الدموع التحسسية: تحتوي على مواد الدموع المطرية ذاتها، وهنا تزيد الغدد الدمعية من إفراز الدموع لحماية العينين من الأوساخ والملوثات وأشياء مثل أبخرة البصل.
جموع العواطف: وهى تنهمر مرد فعل على أحداث عاطفية، وتحتوي هذه الدموع على هرمونات وبروتينات والأندروفين وهي عبارة عن مسكن ألم طبيعي، وتساعد هذه المواد على طرد المواد السامة من الجسم لتخفيف حدة الضغط النفسي.
أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي بخمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة وتسكب العين وسطياً 5 مللمترات من الدمع يومياً، وجدير بالذكر أن فتح وإغماض العين بشكل لاإرادي بمعدل 20 مرة في الدقيقة هي الحركة التي تحافظ على مرونة العينين. ومن جانب آخر عندما قام العلماء بتحليل الدموع وجدوا أنها تحتوي على 25% من البروتين وجزء من المعادن خاصة المغنيسيوم وهي مواد سامة يتخلص منها الإنسان عند البكاء كما تبين في أحد البحوث للدكتور وليم فراي بإنجلترا عن الدموع أن المرأة تبكي 65 مرة في العام بينما يبكي الرجل 15 مرة ولكنهما أي الرجل والمرأة يبكيان في وقت واحد عند الخروج من رحم الأم ويربت عليهما الطبيب ليدفعهما إلى البكاء سواء أرادا أو لا، فما سر البكاء والدموع؟
نحن لا يمكننا التسليم المطلق بأن البكاء يعتبر نوعا من أنواع العقاقير أو بديلا عنها وذلك لأن تعاطي العقاقير النفسية يكون عادة له شروطه المرضية الخاصة بكل نوع من أنواع تلك العقاقير وقد تكون للبكاء فوائد كثيرة على سبيل المثال قد يحمي من الإصابة بالأمراض النفسية فالشخصية التي تفرغ شحنات الانفعال أولا بأول قد لا تصاب بمرض مثل الشخصية الأخرى التي تكبت انفعالاتها ولا تعبر عنها بالبكاء، أما بكاء الفرح الذي يعبر عن انفعالات السرور والبهجة وهو ظاهرة صحية تساعد على الراحة النفسية كذلك فالبكاء عند بعض حالات الأمراض النفسية أو في مراحل «معينة» من علاج تلك الأمراض قد تكون له دلالة علاجية جيدة لدى هؤلاء المرضى ومنها الحالات النفسية المصاحبة بأعراض تحويلية مثل الإصابة بعدم القدرة على الكلام أو المشي بعد التعرض لضغوط نفسية شديدة أو إنسان يبكي دون أسباب ظاهرة وهي في حالات الاكتئاب النفسي أو حالات الحزن الشديد وبدون أن يكون لفقدان هذه القدرة تفسير عضوي وغالبا عن علاج تلك الحالات.
فوائد الدموع:
فوائد الدموع كما يقول د. محمد بلطية عديدة فهي تساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية كما تساعد أيضا على حمايتها كأداة لتطهيرها بصورة مستمرة وحمايتها من الإصابة بالجفاف، كما تساعد على طرد أي مواد مهيجة للعين مثل الفلفل والشطة والدخان أو مواد صلبه كالأتربة وتقوم عن طريق الغدة الدمعية بإدرار الدموع وطرد هذه الأجسام الغريبة لتعود إلى شفافيتها وتنظيفها كما تقوم الدموع على شفافية القرنية وحمايتها عن الجفاف وهي من العوامل التي تساعد على وضوح الرؤية وقوة ودقة الأبصار ويضيف د. بلطية أن الجهاز الدمعي يتشكل من غدة أساسية ومجموعة أخرى من الغدد الثانوية لإفراز الدموع المبللة لسطح العين وكيس دمعي لتصريف الدموع الزائدة وتتكامل وظيفة الجهاز الدمعي بفرز طبقة دمعية مع الملتحمة أعلى التجويف العظمي للعين ويتم التخلص من الدموع الزائدة عن طريق فتحة تصريف القنوات الدمعية الموجودة على جانبي الجفن العلوي والسفلي.