تعتقد أن أدوية الطب النفسي لا تخلّص الإنسان العربي من مشاكله الكثيرة، وأنه يحتاج إلى من يتواصل معه ويرشده إلى الصواب... خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية وأستاذة الطب النفسي د. فاطمة الشناوي تقدّم نصائحها في الطب النفسي في اللقاء التالي.
حدثينا عن حياتك العلمية؟
نلت شهادتي في الطب النفسي في جامعة عين شمس، ثم سافرت إلى لندن لاستكمال دراستي في معهد مودسلي (جامعة لندن) أحد أعرق معاهد الطب والعلاج النفسي في أوروبا، والتحقت به لمدة سنة درست خلالها العلاقات الزوجية والمشاكل الأسرية وما يعترضها من عقبات، وطرق العلاج المختلفة.
كيف نواجه الضغط النفسي؟
تعاني مجتمعاتنا العربية من كثرة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية، ويرزح الشباب تحت عبء البطالة وضياع السنين، ما أدّى إلى إصابتهم بمشاكل نفسية قد تكون خطيرة أحياناً.
أنصح بمحاربة التوتر والاضطرابات النفسية الأخرى من خلال ممارسة الرياضة وتنمية الهوايات. كذلك لا بد من النظر إلى النواحي الإيجابية في حياتنا وليس السلبية، فكل منّا أغدق عليه الله ميزات خاصة. وأنصح الجميع بالتفاؤل دائماً والقناعة ومحاولة تغيير الواقع بما يناسب إمكاناته، فأكثر ما يسبب الضغط النفسي ارتفاع سقف التوقعات فيما الإمكانات ضعيفة، ويجب أن تكون علاقتنا بالله طيبة وعميقة كي تعطينا الطمأنينة والشعور بالرضا الداخلي.
ما رأيك في ظاهرة عنف المرأة ضد الرجل؟
أضحى العنف ظاهرة عالمية، وهو مرفوض داخل الأسرة عموماً سواء قام به الرجل أو المرأة أو الأولاد. أما الإحصاءات التي تعلن عن حالات عنف من المرأة ضد الرجل وتوحي بأن الرجل أصبح مقهوراً في المجتمع، فهي ناقصة تنظر إلى المجتمع بعين واحدة، فما زالت نسبة عنف الرجل ضد المرأة هي الأعلى.
يتأتى ضرب المرأة للرجل في حالات معينة نتيجة ضعف شخصية الزوج أو الإحساس بالدونية وقلة الدخل المادي أمام كثرة متطلبات الزوجة. ويكمن حل المشكلة في سيادة روح التسامح والتفاهم، وفي كلمتين: مودة ورحمة.
كيف تفسّرين انتشار الطلاق في العالم العربي؟
بحسب أحدث الدراسات الصادرة عن «المجلس القومي للأمومة والطفولة» في مصر، تحدث حالة طلاق كل ست دقائق، وتتفوّق حالات الطلاق على الزواج بنسبة 30 إلى 40%، وترتفع النسبة إلى 50% في السنة الأولى من الزواج. إنها ظاهرة جديدة في مجتمعنا، فقد تفككت الأسرة بسبب أعمال الزوج الدائمة وعمل الزوجة داخل المنزل، بالإضافة إلى عملها خارجه، ما يؤدي إلى تشكيل جبل من الجليد في العلاقة.
ويؤدي شيوع النمط الاستهلاكي دوراً فاعلاً في هذا التفكك، فكثرة المتطلبات تقابلها قدرة مالية متواضعة للزوج، والفتيات أصبحن يرفعن شعار «ليكافح وحده وليأتي جاهزاً»، أمّا الشبان فيفكّرون في الثراء السريع.
ماذا عن آثار الطلاق على الأطفال؟
الأطفال ضحايا الطلاق، فكل من الأب والأم يشرع في حياة جديدة، فيما تتحطم حياة الطفل. وأنصح أنه في حالة الطلاق لا بد من استمرار علاقة الزوجين الاجتماعية، خصوصاً أن أحدهما حاضن للطفل، ومن الواجب أن يسود العلاقة احترام متبادل وألا يحاول أحد الطرفين هدم صورة الطرف الآخر أمام الطفل.
وأؤكد أن محاضر الشرطة وإقامة الدعاوى ومنع الطفل من رؤية أحد والديه وغيرها من الأسباب تدمّر الطفل وتشوّه شخصيته، والقانون المصري الذي يجيز للأب أو الأم رؤية الطفل سيئ للغاية ويعقّد المسائل أكثر لذا لا بد من تعديله.
ما هي مواصفات الأسرة المتوازنة نفسياً؟
يبدأ التخطيط لأسرة متفاهمة سعيدة عن طريق اختيار سليم مبني على أسس من التكافؤ الثقافي والاجتماعي والمادي، ولا بد من التفاهم، فهو مفتاح الأسرة السعيدة ومن خلاله يتم التوصل إلى حلول وسطيّة ترضي الجميع.
هل تفضّلين استخدام الأدوية لعلاج المرضى النفسيين؟
لا أفضّل استخدام الأدوية بعد أول جلسة، فالحوار مع المريض والبحث في ماضيه لحل مشاكله أسلوبي وسلاحي الأول في مواجهة المرض، أما الاستسهال والإصرار على الأدوية منذ البداية فله آثاره السلبية على المريض، علماً أن الدواء يكون أحياناً الحل الوحيد، لذا أفضّل أن يكون العلاج الأخير.
كيف ترين صورة المعالج النفسي في الإعلام؟
يقول مثل إنكليزي: «الفرق الوحيد بين المريض والطبيب في مستشفى الأمراض العقلية هو اللباس الأبيض». أعتقد أن هذا المثل لا يطبّق إلا في الإعلام العربي، إذ يظهر الطبيب النفسي في صورة مَنْ هو أحوج للعلاج من المريض ذاته، خصوصاً في الأفلام السينمائية المصرية القديمة. وأعتقد أن نسبة الوعي في هذا المجال ارتفعت على رغم أن ترسبات الماضي لا تزال موجودة.